
في ليلة الإسراء والمعراج، وهي الليلة التي أُسري فيها بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المسجد الأقصى، ثم عُرج به إلى السماوات العلى، وردت بعض الروايات التي تُشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم شمَّ روائح طيبة خلال هذه الرحلة العظيمة.
إحدى الروايات التي ذكرها بعض المفسرين والمؤرخين تُشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم شمَّ رائحة طيبة عندما مرَّ بسماء الدنيا، حيث قيل إن هذه الرائحة كانت تنبعث من سيدة عظيمة هي السيدة مريم بنت عمران عليها السلام، أم النبي عيسى عليه السلام. وقد وُصفت هذه الرائحة بأنها من أطيب الروائح، مما يدل على مكانتها العالية وطهارتها.
كما ورد في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم شمَّ روائح طيبة أخرى أثناء مروره بالأنبياء والملائكة في السماوات، مما يعكس جمال وروحانية تلك اللحظات الفريدة.
لكن ينبغي التنبيه إلى أن هذه الروايات ليست من الأحاديث الصحيحة المتواترة، بل هي من الإسرا..ئيليات أو الروايات الضعيفة التي لا يُعتمد عليها في العقيدة أو التشريع. لذلك، لا يُمكن الجزم بصحتها، والأولى الاكتفاء بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة عن أحداث الإسراء والمعراج.
والله أعلم.
ليلة الإسراء والمعراج: معجزة عظيمة ونقلة روحية
تُعد ليلة الإسراء والمعراج من أعظم الأحداث في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أبرز المعجزات التي أيَّد الله بها رسوله. كانت هذه الليـ..ـلة بمثابة نقلة روحية وعظيمة، حيث اجتمع فيها الإعجاز المادي والمعنوي، لتكون دليلًا على عظمة الله وقدرته، وتثبيتًا لقلب النبي صلى الله عليه وسلم بعدما مرَّ بفترة عصيبة من الأ.ذى والحزن، خاصة بعد وفـ..ٕاة زوجته خديجة رضي الله عنها وعمه أبي طالب.
الإسراء: الرحلة الأرضية
بدأت الرحلة بالإسراء، وهي انتقال النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المسجد الأقصى في القدس. وقد ورد ذكر هذه الرحلة في القرآن الكريم في سورة الإسراء:
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الإسراء: 1).
في هذه الرحلة، ركب النبي صلى الله عليه وسلم البراق، وهي دابة بيضاء سريعة، حتى وصل إلى المسجد الأقصى، حيث صلى بالأنبياء إمامًا، مما يدل على مكانته العظيمة وقيادته الروحية للأمم السابقة.
المعراج: الصعود إلى السماوات
بعد الإسراء، بدأت مرحلة المعراج، وهي الصعود إلى السماوات العلى. وفي هذه الرحلة، قابل النبي صلى الله عليه وسلم عددًا من الأنبياء والمرسلين في كل سماء، مثل آدم عليه السلام في السماء الأولى، ويحيى وعيسى عليهما السلام في السماء الثانية، ويوسف عليه السلام في السماء الثالثة، وإدريس عليه السلام في السماء الرابعة، وهارون عليه السلام في السماء الخامسة، وموسى عليه السلام في السماء السادسة، وإبراهيم عليه السلام في السماء السابعة.
وفي السماء السابعة، فرض الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم الصلاة، حيث كانت في البداية خمسين صلاة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم بوساطة موسى عليه السلام طلب من الله التخفيف، حتى أصبحت خمس صلوات في اليوم والليلة بأجر خمسين.
دروس وعبر من الإسراء والمعراج
تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم: جاءت هذه الرحلة بعد عام الحزن، لتكون بمثابة تعويض وتثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم، وتذكيرًا بعظمة رسالته.
مكانة المسجد الأقصى: تؤكد هذه الرحلة على مكانة المسجد الأقصى في الإسلام، فهو أحد المساجد الثلاثة التي تُشدُّ إليها الرحال.
الصلاة هدية السماء: كانت الصلاة هي الهدية التي أُعطيت للنبي صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة، مما يدل على أهميتها في حياة المسلم.
الأنبياء إخوة في الرسالة: لقاء النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء السابقين يؤكد وحدة الرسالات السماوية وأنهم جميعًا يدعون إلى توحيد الله.
عظمة الله وقدرته: الرحلة كانت معجزة تُظهر قدرة الله تعالى على خرق قوانين الطبيعة، وتُعزز الإيمان بقدرة الله على كل شيء.
ليلة الإسراء والمعراج ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي منارة روحية تُذكر المسلمين بعظمة دينهم، وتُشحذ هممهم للالتزام بالصلاة والعبادة، والسير على نهج النبي صلى الله عليه وسلم. فهي ليلة تجلَّت فيها قدرة الله وعظمته، وكانت بمثابة رسالة أمل وتثبيت لرسول الله وأمته من بعده.