
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ركوب النمار وعن لبس الذهب إلا مقطعا
الراوي معاوية بن أبي سفيان المحدث الألباني المصدر صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم 4239 خلاصة حكم المحدث صحيح
استعمال النساء للذهب ينبغي أن يكون للتحلي والتزين به لاللإسراف والخيلاء وفي هذا الحديث يخبر معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ركوب النمار أي الجلوس على جلود السباع واستعمالها في السروج وما شابه مما يجعل على ظهور الدواب للركوب عليه لأن فيها من الزهو والخيلاء وفيه أيضا تشبه بالعجم.
وعن لبس الذهب إلا مقطعا أي ونهى صلى الله عليه وسلم عن كثرة الذهب إلا ما كان قطعا منه مثل الخاتم والعقد والسوار وما يكون من خيوط في الثياب وهذا فيما يتعلق بالنساء لأن الذهب للرجال محرم عليهم قليله وكثيره إلا ما كان لضرورة وكره من ذلك الكثير الذي هو عادة أهل السرف وزينة أهل الخيلاء والكبر واليسير هو ما لا يجب فيه الزكاة ويشبه أن يكون إنما كره استعمال الكثير منه لأن صاحبه ربما ضن بإخراج الزكاة منه فيأثم.
مسألة حكم لبس الذهب اليسير للرجال
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا ما مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد
فإن ما اختلف فيه أهل العلم قديما وحديثا حكم لبس الذهب اليسير للرجال وهذا بحث يسير مختصر في هذه المسألة اجتهدت فيه للوصول إلى الراجح من الأقوال فإن أصـ،ـبت فمن الله وحده وإن أخطأت فمني.
قلت ذهب جماهير العلماء إلى تحـ،ـريم لبس الذهب على الرجال مطلـ،ـقا ولو كان يسيرا للأدلة العامة في ذلك وهي معلومة لدى طلبة العلم الشرعي وذهب الحنفية ورواية عن الحنابلة وهو قول للإمام أحمد و قول شيخ الإسلام ومال إليه ابن رجب وغيرهم رحمهم الله إلى إبـ،ـاحة اليسير من
الذهب في باب اللباس وهذه أدلتهم وأقوالهم
أ أما أدلة هذا القول فهي
1حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم جبه من ديباج منسوج فيها الذهب فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فقام أو قعد فجعل الناس ا فقالوا ما رأينا كاليوم قط فقال أتعجبون من هذه لمناديل سعد في الج,نة خير مما ترون. ووجه الدلالة من الحديث أن الجبة منسوج فيه الذهب أي خيوط من الذهب والذهب تابع للأصل وهو المقطع فاليسير من الذهب مباح وقالوا أن دعوى النسخ تحتاج إلى دليل ولو صح النسخ فهو للحرير الخالص.
2 عن معاوية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الذهب إلا مقطعا
ووجه الدلالة أن ما كان مقطعا فلم ينه عنه والمقطع هو يسيرا الذهب التابع لغيره كالعلم ونحوه فدل على جواز لبسه لأنه لم ينه عنه كما ذكره ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 2187 و 2564.
قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار حديث 553 لابد فيه من تقييد القطع بالقدر المعفو عنه لا بما فوقه جمعا بين الأحاديث قال ابن رسلان في شرح سنن أبي داود والمراد بالنهي عن الذهب الكثير لا المقطع قطعا يسيرة منه تجعل حلقة أو قرطا أو …. وقد يضبط الكثير منه بما كان نصابا تجب فيه الزكاة واليسير بما لا تجب فيه انتهى كلام الشوكاني.
3 ومن أدلتهم القياس أي قياس الذهب على الحرير كما يجوز للرجل لبـ،ـس اليسير من الحرير فكذلك يجوز له لبس المنسوج والمموه بذهب يسير بجامع أن الأصل في كل من الحرير والذهب هو تحـ،ـريم اللبـ،ـس على الذكور وإباحته للنساء فكما أنه أبيح اليسير من الحرير للرجال بالأدلة فيقاس عليه اليسير من الذهب لاشتراك العلة بينهما.
بأقوال أهل العلم
1 ذكر ابن رجب رحمه الله في أحكام الخواتم عن عبدالله بن الإمام أحمد رحمه الله سألت أبي عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الذهب
إلا مقطعا فقال الشيء اليسير الصغير.
2 قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وفي يسير الذهب في باب اللباس عن أحمد أقوال أحدها الرخصة مطلقا لحديث معاوية رضي الله عنه نهى عن الذهب إلا مقطعا ولعل هذا القول أقوى من غيره واليسير كالعلم ونحوه مجموع الفتاوى 2356 الفتاوى الكبرى.
3 وقال شيخ الإسلام أيضا والرخـ،ـصة في باب اللبـ،ـاس أوسع من الآنية لأن حاجتهم إلى اللبـ،ـاس أشد وتنازع العلماء في يسير الذهب في اللباس وإلا ظهر أنه يباح فيباح طراز الذهب إذا كان أربعة أصابع فما دونها وضرا القبات وحيلة القوس كالسرج والبردين ونحو ذلك الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام البعلي.
4 وقال ابن الأثير رحمه الله في نهاية مادة القطع حول حديث معاوية رضي الله عنه أراد الشيء اليسير منه كالحلقة والشنف وغير ذلك واليسير ما لا تجب فيه زكاة.
5 قال الإمام ابن الهمام رحمه الله في تكملة شرح فتح
القدير 108 والتابع لا يكره كالجبة المكفوفة بالحرير والعلم في الثوب ومسمار الذهب في الفص.
6 قال البهوتي رحمه الله ويجعل الفص الخاتم منه أو من غيره ولو من ذهب كان يسيرا .
7 وقال البهوتي رحمه الله في المصدر السابق 2632 إذا كان يسيرا فيباح وهو اختيار أبي بكر عبد العزيز والمجد والشيخ تقى الدين وهو ظاهر كلام الإمام أحمد في العلم وإليه مال ابن رجب ذكره في الأصناف وقال وهو الصواب والمذهب على ما اصطلحناه
8 قال ابن تيمية رحمه الله أبيح للنساء لبس الذهب والحرير لحاجتهن إلى التزين وحـ،ـرم ذلك على الرجال وأبيح للرجال من ذلك اليسير كالعلم ونحو ذلك مما ثبت في السنة
9 قال الإتيوبي في شرح سنن النسائي 38226 يستفاد من صنيع المصنف رحمه الله أن الاستثناء في قوله إلا مقطعا في حق الرجل لأنه حق النساء وهذا هو الراجح.
قلت مما سبق من الأدلة والأقوال أهل العلم يتبين لنا أن الراجح هو القول بإباحة الذهب اليسير للرجال إذا كان مقطعا أي تابعا ومتصلا غير منفـ،ـصل وأن يكون يسيرا كفص
الخاتم والعلم وعـ،ـقارب الساعة والحلقة وغيرها وما كان من اللبـ،ـاس منسوجا أو مموها بالذهب اليسير.
وهذا ما رجح الحنفية ورواية للحنابلة وقواه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن رجب الحنبلي والإتيوبي في شرح سنن النسائي رحمهم الله.