
ماهو البرهان الذي رآه سيدنا يوسف فى قوله تعالى {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه } يوسف : 24
آية (24):
* ما هو البرهان في آية سورة يوسف (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ (24) يوسف) يقال أن الذي رآه يوسف عليه السلام يمكن أن يكون جبريل أو يعقوب أو العزيز فهل يمكن أن تكون هذه رؤية معنوية رؤيا الخـ،ـوف والخشية من الله من عمل المعـ،ـصية لأنه ذُكر أن يوسف عليه السلام هو من المحسنين والمخلَصين والمتقين؟(د.فاضل السامرائى)
السؤال الذي يدور كثيراً قديماً وحديثاً (ولقد همت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه) ثم ينسحب السؤال على البرهان وأثير سؤالاً في السابق كيف همّ بها؟ معنى الهمّ أنه أراد أن يفعل الفاحشة. لقد هممت أن أفعل كذا أي أردت وحاولت ودفعتني نفسي إلى أن أفعل كذا فالهمّ بداية الفعل. في هذه المسألة أنا أميل إلى رأي أهل اللغة في هذه الآية، لو رجعنا إلى اللغة هو لم يهمّ بها أصلاً (وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه) لا نقف عند (وهمّ بها) وإنما تقرأ الآية كاملة. (ولقد همت به/ وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه) لو قلت همت به وهمّ بها أين جواب وموقع (لولا أنرأى برهان ربه)؟ هذه من حيث اللغة لم يهمّ بها. (لولا) هنا حرف امتناع لوجود، (لولا) تأتي في موطنين للتحضيض لولا فعلت هذا يحضّه، (فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10) المنافقون) تدخل على الأفعال (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ (12) النور) تحتاج لفعل ولا تحتاج إلى جواب نقول لولا فعلت هذا. إذن لولا حرف تحضيض أو امتناع لوجود. حرف امتناع لوجود لو قلت لولا أخوه لضـ،ـربته تكون لم تضـ،ـربه امتنع الضـ،ـرب لوجود الأخ (حرف امتناع الجواب لوجود الفعل) (يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) سبأ) امتنع الشيء لوجود أمر. وفي الشعر قيل: ولولا بنوها حولها لخرّبتها، تقدّم أو تأخر، يجوز أن يتقدم معنى الجواب كما في قوله تعالى: (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ (77) الفرقان) أصلها لولا دعاؤكم لا يعبأ بكم ربي، (إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا (42) الفرقان) لولا أن صبرنا لكاد أن يضلنا، يجوز التقديم والتأخير، عموم أدوات الشرط أن يتقدم ما يدل على الجواب أو يتأخر، كنت ضـ،ـربته لولا أخوه أو لولا أخوه لكنت ضـ،ـربته. صاحب البحر المحيط يقول: قارفت الذنـ،ـب لولا أن عصمك الله، تكون لم تقـ،ـارف الذنـ،ـب لوجود عصمة الله، همّ بها لولا أن رأى برهان ربه، هذا منطوق اللغة. لغة ما همّ بها طرفة عين هذا من حيث اللغة لم يهمّ بها أصلاً (وهم بها لولا أن رأى برهان ربه). هو لم يحاول لوجود (لولا) لولا العصمة لهمّ بها إذن لم يهمّ بها، لولا برهان ربه لهمّ بها لكنه ما همّ. البعض قال أنها همت به فعلاً وهمّ بها تركاً وهذا لا يصح لغوياً لأن الكلام سيكون ولقد همت به وهمّ بها ولا يعود لقوله (لولا أن رأى برهان ربه) لا يعود لها موقع ولا وجود وليس لها موقع في الكلام أصلاً. يقـ،ـتضي أن نقول ولقد همت به وهم بها، و(لولا أن رأىبرهان ربه) لا يعود لها وجود ولا دلالة. قسم من كبار المفسرين مثل صاحب البحر المحيط قال لم يهمّ بها ونص كلامه ” لم يقع منه (عليه السلام) همٌّ البتة”. إذن من حيث اللغة لم يهمّ بها. المفروض أن نفهم هذه الآية على أنه امتنع الهمّ لوجود البرهان.
البرهان يقول أهل الحديث “لا حجة قاطعة في تعيين شيء” وكل ما يقوله الناس إما من أو من باب التخيلات ولا يوجد نص قاطع في هذه المسألة. والبرهان هو الدليل الذي يمنعه من هذا. قال ابن كثير أنه لا حجة قاطعة. المهم أنه رأى برهاناً صرفه عن هذا ومنطوق الآية من حيث اللغة أنه لم يهمّ بها البتّة.