منوعات

قصة رسالة من زوجي تأليف السيد عبد الكريم

كتب :
ـ مش ميت … أنا عايش … وهظهر بس في الوقت المناسب .
ساعتها حسيت بخيال ماشي في الصالة ، حسيت بعرق بسيط على جبهتي وتقلّصتْ معدتي ونهضتُ في رعب ، ولعت كل أضواء الشقة وشغّلت قران ، دخلت أوضة بنتي واطمنت إنّها نايمة ، رجعت لأوضتي ومسكت التليفون اللى سبته على الفراش ، بس لقيته أوف لاين .
تاني يوم الصبح كنت أنا وبنتي في بيت أخويا إيهاب ، وإيهاب معاه سلسلة محلات لبيع الفواكه والخضروات ، وله اسمه في السوق ، تعليمه بسيط بس ربنا فاتح عليه ومشغّل معاه ناس كتير ، المهم قلتُ لإيهاب على كل اللي حصل ، ووريته الرسايل اللي بتوصلني من أكونت جوزي ، لمّا عرف الحكاية وشاف الرسايل وقرأها كذا مرة حسيت إنّه مش عارف يتكلم من الذهول ، علشان كده قلتُ :
ـ اللى دفنّاه ده مش نادر جوزي .
قال وهو بيحاول يتذكر شيء ما :
_
ـ مُغسّل المشرحة لمّا كشف وش نادر الله يرحمه كانتْ ملامحمه مش موجودة … الوش متشوه والجلد متساقط بسبب الحريق … بس المغسل لمّا قلتله على الاسم وأخد منّي بطاقتي سلّمني الجثة اللى دفناها ، ولمّا حاولتُ أكشف باقى جسد المرحوم لقيت المغسل بيرفض وقالي إنْ دا تعدي على حرمة الميت ؛ لأن كل الجثث ملفوفة بشاش قماش تحت الكفن بسبب الجلد اللي بيستاقط ، وأنا مكنتش حابب أحكيلك التفاصيل دي ورفضت إنّك تشوفي وجه المرحوم نادر في لحظات الوداع الأخيرة .
قلتُ وأنا مركزة في كل كلمة بيقولها :
ـ عاوز تقول ايه يعني ؟
أجاب في بطء :
ـ اللى عايز أقوله إنْ فيه واحد زميل المرحوم اسمه نادر برضه … جايز نكون استلمنا جثة نادر زميل جوزك .
قلتُ في تعجب :
ـ بس دا مستحيل … أكيد أنتَ استلمت متعلقات جوزي مع جثته .. مثلا بطاقته ..تليفونه … هدومه …
قاطعني قائلا :
ـ هدوم إيه يا نادية! … بقولك النار أكلتْ الجلد واللحم .. متنسيش إنْ الانفجار بدأ من الطابق اللى فيه مكتب المرحوم نادر .. يعني كل اللى نجوا كانوا في الطابق الأرضي والتاني ؛ لأنّهم بعيد عن مصدر الانفجار … دا كلام رجال الأمن .
قلتُ :
_
ـ طيب ممكن يكونوا غلطوا في الأسماء وحطوا اسم جوزي في قائمة المتوفين وهو تبع المصابين .
أجاب :
ـ تسليم الجثث كان بيتم بشكل سريع .. كانوا ما بيصدقوا إنْ حد يتعرف على جثة ، علشان عرفت من أحد الضباط إنْ مدير الأمن والوزير ، ووزير الصحة كانوا مشددين إن تسليم الجثث يتم بسرعة قبل ما الصحافة تصور حاجة والتحقيقات كانتْ لسه مبدأتش .
قلتُ :
ـ طيب أنتَ شايف إيه ؟
أجاب :
ـ شايف إنْ اللى دفناه هو جوزك الله يرحمه … ولو فعلا إدارة المستشفي غلطت وهو تبع المصابين أكيد كنا عرفنا … متنسيش إنْ الحادثة فات عليها 5 أيام .
تركتُ بنتي سحر عند إيهاب أخويا وتوجهت إلى قسم الشرطة ، مكنتش معرفة إيهاب إنّي رايحة قسم الشرطة ، وهناك الضابط أبدى اهتمامه لمّا حكيت له الحكاية ووريته الرسايل اللى بتوصلني من أكونت جوزي ، والضابط قال :
ـ بصي يا مدام نادية … موضوع استخراج الجثة وتشريحها دا مستحيل لو حضرتك بتلمحي لكده … كل الجثث ماتتْ لنفس السبب الحرق والذهول العصبية … الموضوع مفهوش شبهة إزعاج … التحقيقات كلها دلوقتي في ازاى حصل الحريق وإيه سببه … أمّا اللى بيكلمك على الفيس فأكيد واحد لقى تليفون جوزك وعايز ينصب عليكي في كام جنيه .
لم أرد ، والضابط نظر نحوي ولمّا شاف حيرتي وقلة حيلتي قال :
_
ـ أنا مقدّر الحالة اللى انتي فيها … ربنا يصبرك … بس اللى أقدر أعمله إنّي أعملك محضر إزعاج أو ابتزاز إلكتروني لو حابة .
قلتُ :
ـ طيب ولمّا أعمل محضر إزعاج إلكتروني هتعملوا إيه بعد كده ؟
أجاب :
ـ انتي اللى هتعملي .. انتى هتجاريه فى الكلام طالما هو طالب منك فلوس لحد ما تعرفي الطريقة اللى هيستلم بيها الفلوس … لأن الطريقة هتكون إمّا تحويل بنكي أو انستاباي أو فودافون كاش أو تسليم يد ليد … ساعتها تسيبي الباقي علينا .
قلتُ :
ـ طيب عاوزه أشوف كشوف المتوفين والمصابين وأقابل المصابين .
ابتسم هاني بيه وقال :
ـ الأسماء في كل مكان .. تقدري تشوفيها على النت فى صفحة وزارة الصحة ووزارة الداخلية… لكن تقابلي المصابين لازم صفة قانونية …دا غير إنْ عدد المصابين كبير … ومش كلهم في مستشفي واحدة … مجموعة في القصر العيني والباقي فى مستشفيات ( الجرحرداش ـ سيد جلال ـ الرحمة ـ مصطفى محمود ) دا غير بعض الأهالي اللى طلبوا نقل مصابينهم لمستشفيات خاصة .. وأكيد فيه عدد لا بأس به من المصابين خرجوا دلوقتي لأن حروقهم كانتْ من الدرجة التالتة .
قلتُ بتوسل :
_
ـ أنا هدوّر بنفسي بس محتاجة مساعدة حضرتك .
فكر قليلا ثم أشعل سيجارة وقال :
ـ خلاص ده رقمي … عند كل مستشفي كلميني واديني موظف الأمن وأنا هتصرف .

خلال 3 أيام كنت مسحت كل المستشفيات ، اى مستشفي أروحه كنت بدخل على موظف الأمن مباشرة وأكلم هاني بيه اللى بدوره كان بيكلم موظف الامن اللى كان بيطلعني على أسماء المصابين اللى مازالوا محجوزين وكنت بطلع أبص عليهم من شباك حجرات المستشفي ، وكنت في مستشفي الجرحرداش فاقدة الأمل لمّا شفت الاسم قدامي ، اسم ( نادر سعيد التاجي ) ، لم يكن الاسم سوي اسم جوزي ، معني كده إنْ جوزي عايش ومحجوز هنا في المستشفي ، طيب ازاى منعرفش ، وازاى جوزي مطلبش من المستشفي إبلاغنا بوجوده هنا ، المهم بسرعة أخرجتُ صورة من قائمة المتوفين وبدأتُ أقرأ الأسماء من الاول ، وعند الاسم رقم 9 دقات قلبي ازدادتْ تسارعا لمّا قرأت اسم ( نادر سعيد الناجي ) ، ايوه كده مظبوط ، اللى تم دفنه هو نادر سعيد الناجي مش التاجي ، ونادر سعيد التاجي جوزي عايش ومحجوز هنا فى المستشفي ، اللى كتب الاسم في قائمة المفقودين كتب التاجي بدل الناجي ودا اللى جاب اللخبطة دي ، طلبتُ من موظف الأمن يطلع معايا ، كنت متوترة وكل أعصابي شاردة منّي وأنا بصعد للطابق الرابع في المستشفي ، ولمّا موظف الأمن دخل قدامي لغرفة المرضي لقينا الفراش عليه واحده ست ، موظف الأمن مال ناحية الممرضة المقيمة وقال :
ـ الحالة تبع هاني بيه رئيس مباحث حدايق القبة .
وأكمل كلامه قائلا :
ـ مش هنا كان محجوز الأستاذ نادر سعيد التاجي .
قالتْ الممرضة :
ـ هو كان مصاب تبع حريق شركة المجمع ، بس المريض هرب .
قلتُ بلهفة :
_
ـ هرب ازاي ؟
أجابتْ :
ـ مكنش فى النبوتجية ( موعد العمل ) بتاعتي …أنا كنت في وقت راحتي .
قلتُ :
ـ طيب هو اسمه نادر سعيد التاجي ؟
أجابتْ :
ـ المفروض .
قلتُ في توتر وتوتر :
ـ ازاى المفروض ؟
أجابتْ :
_
ـ هو متحول هنا باسم نادر سعيد التاجي …بس هو كان فاقد الذاكرة ومكنش فاكر اسمه ولا عنوانه ولا أي حاجة عن نفسه .
قلتُ بعجرحا ابتلعت ريقي :
ـ أوصفيه :
لمّا الممرضة وصفته كانتْ بتوصف كل مواصفات زوجي .
يتبع ….
الفصل الثالث.
لمّا الممرضة وصفت الشخص اللى هرب من المستشفي كانتْ بتوصف جوزي ، سرحتُ فى خواطري وفضلت أفكر ، ـ جوزي أثناء الحريق تم نقله هنا باسم واحد تاني عن طريق الخطأ ، ـ واحنا استلمنا جثة نادر تاني غير نادر جوزي ودفناها بالخطأ ، ـ جوزي فقد الذاكرة ومكنش فاكر لا اسمه ولا عنوانه ولا أهله ، وهرب لمّا صحته تحسنت .
دا أقرب سيناريو منطقي للى حصل ، والمفروض دلوقتي ألاقي جوزي ، أخدت تقرير من إدارة المستشفي يفيد إنْ ( نادر التاجي ) جوزي كان محجوز هنا في المستشفي لمدة 6 أيام قبل هروبه ، وقبل ما أمشي شفت ست متقجرحة في السن بتعيط ومتعصبة وعمّاله تشتم وتصرخ في وش كل الممرضات ، الست قالتْ إنْ ابنها محجوز هنا من 6 أيام وإدارة المستشفي لم تخبرها ، بدأ يسود الهرج والمرج والممرضات اتجمعوا وبقية موظفين الأمن حضروا وحاولوا يهدوا الست اللى عمالة تصرخ وتزعق ، كنت معاهم بحاول أهدّى في الست ، وعرفت منها أنها أم نادر الناجي اللى استلمنا جثته ، لمّا الممرضة قالتلها :
ـ يا هانم اللي بستألي عنّه مش ابنك .
قالتْ السيدة في هستريا :

انت في الصفحة 2 من 3 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
890

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل